فصل: الآية التاسعة عشرة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والمقصود أن أهل الإيمان لا يخرجهم تنازعهم في بعض مسائل الأحكام عن حقيقة الإيمان إذ ردّوا ما تنازعوا فيه إلى اللّه ورسوله كما شرط اللّه عليهم بقوله: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}. ولا ريب أن الحكم المعلق على شرط ينتفي عند انتفائه.
و{في شَيْءٍ} نكرة في سياق الشرط تعم كلّ ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدية دقّة وجلّة، جلية وخفية. ولم يكن في كتاب اللّه وسنة رسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولو لم يكن كافيا لما أمر بالردّ إليه، إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع.
قال الشوكاني: ظاهر قوله فِي شَيْءٍ يتناول أمور الدين والدنيا، ولكنه لما قال: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} تبين به أن الشيء المتنازع فيه يختص بأمور الدين دون أمور الدنيا، والردّ إلى اللّه: هو الردّ إلى كتابه العزيز، والردّ إلى الرسول: هو الردّ إلى سنته المطهرة بعد موته، وأما في حياته فالردّ إليه سؤاله. هذا معنى الردّ إليهما، وقيل: معنى الردّ أن يقولوا: اللّه أعلم وهو قول ساقط وتفسير بارد!! وليس الرد في هذه الآية إلا الرد المذكور في قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]. انتهى.
وقال ابن القيم: إن الناس أجمعوا أن الرد إلى اللّه سبحانه هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول هو الرد إليه نفسه في حياته وإلى سنته بعد وفاته، وأنه جعل هذا الرد من موجبات الإيمان ولوازمه، فإذا انتفى هذا الرد انتفى الإيمان ضرورة انتفاء الملزوم لانتفاء لازمه، ولاسيما التلازم بين هذين الأمرين فإنه من الطرفين وكل منهما ينتفي بانتفاء الآخر. ثم أخبرهم أن هذا الرد خير لهم، وأن عاقبته أحسن عاقبة. انتهى.
وقال في فتح القدير: قوله: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، فيه دليل على أن هذا الردّ متحتم على المتنازعين، وأنه شأن من يؤمن باللّه واليوم الآخر، والإشارة بقوله ذلِكَ إلى الرد المأمور به خَيْرٌ لكم {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}: أي مرجعا، من الأول آل يؤول إلى كذا: أي صار إليه. والمعنى أن ذلك الردّ خير لكم وأحسن مرجعا ترجعون إليه.
ويجوز أن يكون المعنى أن الردّ أحسن تأويلا من تأويلكم الذي صرتم إليه عند التنازع. انتهى.
وهذه الآية الكريمة نص في وجوب الاتباع وأصل من أصول رد التقليد ولذلك احتج بها جمع من السلف والخلف على ذلك، والكلام فيها يطول تركناه خشية الإطالة، ومن شاء الاطلاع عليها فليرجع إلى أمثال كتاب أعلام الموقعين وغيره يتضح له الحق من الباطل، وباللّه التوفيق.

.الآية الثامنة عشرة:

{وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)}.
{وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ} أذاع الشيء وأذاع به: إذ أفشاه وأظهره، وهؤلاء هم جماعة من ضعفاء المسلمين كانوا إذا سمعوا شيئا من أمر المسلمين فيه أمن نحو ظفر المسلمين وقتل عدوهم. أو فيه خوف نحو هزيمة المسلمين وقتلهم أفشوه وهم يظنون أنه لا شيء عليهم في ذلك {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} وهم أهل العلم والعقول الراجحة الذين يرجعون إليهم في أمورهم أو هم الولاة عليهم. {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}: أي يستخرجونه بتدبرهم وصحة عقولهم.
والمعنى: أنهم لو تركوا الإذاعة للأخبار حتى يكون النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو الذي يذيعها أو يكون أولو الأمر منهم هم الذين يتولون ذلك لأنهم يعلمون بما ينبغي أن يفشى وما ينبغي أن يكتم، لكان أحسن.
والاستنباط مأخوذ من استنبطت الماء: إذا استخرجته. والنبط الماء المستنبط أول ما يخرج من ماء البئر عند حفرها، وقيل: إن هؤلاء الضعفة كانوا يسمعون إرجافات المنافقين على المسلمين فيذيعونها فتحصل بذلك المفسدة. أخرج عبد بن حميد ومسلم وابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نساءه قمت على باب المسجد فوجدت الناس ينكتون بالحصا يقولون: طلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نساءه فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه ونزلت هذه الآية. فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر.

.الآية التاسعة عشرة:

{وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)}.
{وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ}: التحية تفعلة من حييت وأصلها الدعاء بالحياة، والتحية السلام وهذا المعنى هو المراد هنا، ومثله قوله تعالى: {وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} [المجادلة: 8]، وإلى هذا ذهب جماعة المفسرين.
وروي عن مالك أن المراد بالتحية هنا تشميت العاطس.
وقال أصحاب أبي حنيفة: التحية هنا الهدية لقوله تعالى: {أَوْ رُدُّوها}، ولا يمكن ردّ السلام بعينه، وهذا فاسد لا ينبغي الالتفات إليه.
والمراد بقوله: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها} أن يزيد في الجواب على ما قاله المبتدئ بالتحية، فإذا قال المبتدئ: السلام عليكم قال المجيب: وعليكم السلام ورحمة اللّه، وإذا زاد المبتدئ لفظا زاد المجيب على جملة ما جاء به المبتدئ لفظا أو ألفاظا نحو: وبركاته ومرضاته وتحياته.
قال القرطبي: أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنّة مرغّب فيها، وردّه فريضة لقوله: {فَحَيُّوا}، وظاهر الأمر الوجوب.
والمراد بقوله: {أَوْ رُدُّوها} الاقتصار على مثل لفظ المبتدئ بأن يقول المجيب: وعليكم السلام في مقابلة السلام عليكم. وظاهر الآية الكريمة أنه لو رد عليه بأقل مما سلم به أنه لا يكفي، وحملها الفقهاء على أنه الأكمل فقط. واختلفوا: إذا رد واحد من جماعة هل يجزئ أو لا؟ فذهب مالك والشافعي إلى الإجزاء، وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجزئ عن غيره، ويرد عليهم حديث عليّ عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلّم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم» وأخرجه أبو داود وفي إسناده سعيد بن خالد الخزاعي المدني وليس به بأس، وقد ضعفه بعضهم! وقد حسن الحديث ابن عبد البر، وقد ورد في السنة المطهرة في تعيين من يبتدئ بالسلام ومن يستحق التحية ومن لا يستحقها ما يغني عن البسط هاهنا وقد وفينا حقه في شرحنا لبلوغ المرام.

.الآيات العشرون والحادية والثانية والعشرون:

{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطانًا مُبِينًا (91)}.
{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}: هذا كلام مستأنف يتضمن بيان حال هؤلاء المنافقون وإيضاح أنهم يودّون أن يكفر المؤمنون كما كفروا ويتمنوا ذلك عنادا وغلوا في الكفر وتماديا في الضلال.
فالكاف في قوله: كَما، نعت مصدر محذوف: أي: كفروا مثل كفرهم، أو حال كما روي عن سيبويه.
{فَتَكُونُونَ سَواءً} عطف على قوله: {تَكْفُرُونَ} داخل في حكمه.
{فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ}: جواب شرط محذوف: أي إذا كان حالهم ما ذكر فلا تتخذوا إلخ.
وجمع الأولياء مراعاة لحال المخاطبين، وإلا فيحرم اتخاذ وليّ واحد منهم أيضا كما في آخر الآية.
{حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ويحققوا إيمانهم بالهجرة {فَإِنْ تَوَلَّوْا} عن ذلك {فَخُذُوهُمْ} إذا قدرتم عليهم {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}: في الحلّ والحرم، فإن حكمهم حكم المشركين قتلا وإسرا، {وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا} توالونه {وَلا نَصِيرًا (89)}: تستنصرون به، {إِلَّا الَّذِينَ}: هو مستثنى من قوله: {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ} فقط.
وأما الموالاة فحرام مطلقا لا تجوز بحال. فالمعنى {إلا الذين يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ ويدخلون في قوم بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ} بالجوار والحلف {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} لما بينه وبينكم من عهد وميثاق، فإن العهد يشملهم. هذا أصح ما قيل في معنى الآية. وقيل: الاتصال هنا هو اتصال النسب. والمعنى: إلا الذين ينتسبون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق، قاله أبو عبيدة.
وقد أنكر ذلك أهل العلم عليه لأن النسب لا يمنع من القتال بالإجماع، فقد كان بين المسلمين والمشركين أنساب ولم يمنع ذلك من القتال.
وقد اختلف في هؤلاء القوم الذين كان بينهم وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ميثاق؟ فقيل: هم قريش والذين يصلون إلى قريش هم بنو مدلج، وقيل: نزلت في هلال بن عويمر وسراقة بن جعشم وخزيمة بن عامر بن عبد مناف كان بينهم وبين النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عهد، وقيل: خزاعة، وقيل: بنو بكر بن زيد.
{أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}: عطف على قوله يَصِلُونَ داخل في حكم الاستثناء: أي إلا الذين يصلون والذين جاءوكم. ويجوز أن يكون عطفا على صفة قوم:
أي إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق والذين يصلون إلى قوم جاءوكم حصرت: أي ضاقت صدورهم عن القتال فأمسكوا عنه. والحصر الضيق والانقباض.
قال الفراء: وهو: أي حصرت صدورهم حال من المضمر المرفوع في جاءوكم كما تقول: جاء فلان ذهب عقله: أي وقد ذهب عقله.
وقال الزجاج هو خبر بعد خبر: أي جاءوكم ثم أخبر فقال: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}.
فعلى هذا يكون حصرت بدلا من جاءوكم وقيل: حصرت في موضع خفض على النعت لقوم، وقيل: التقدير أو جاءوكم رجال أو قوم حصرت صدورهم. وقرأ الحسن: {أو جاؤوكم حصرة صدورهم} نصبا على الحال، وقال محمد بن يزيد: حصرت صدورهم هو دعاء عليهم كما تقول: لعن اللّه الكافر، وضعفه بعض المفسرين. وقيل: أو بمعنى الواو أي وجاءوكم حاصرة صدورهم عن {أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ} فضاقت صدورهم عن قتال الطائفتين وكرهوا ذلك.
{وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} ابتلاء منه لكم واختبارا كما قال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (31)} [محمد: 31] أو تمحيصا لكم، أو عقوبة لذنوبكم، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك فألقى في قلوبهم الرعب، واللام في قوله: {فَلَقاتَلُوكُمْ}: جواب لو على تكرير الجواب: أي لو شاء اللّه لسلطهم ولقاتلوكم. والفاء للتعقيب.
{فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ}: أي لم يتعرضوا لقتالكم {وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ}: أي استسلموا لكم وانقادوا {فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90)} أي طريقا فلا يحلّ لكم قتلهم ولا أسرهم ولا نهب أموالهم، فهذا الاستسلام يمنع من ذلك ويحرّمه. قيل هذه منسوخة بآية القتال والظاهر كونها محكمة محمولة على المعاهدين.
{سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ} فيظهرون لكم الإسلام ولقومهم الكفر ليأمنوا من كلا الطائفتين، وهم قوم من أهل تهامة طلبوا الأمان من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليأمنوا عنده وعند قومهم، وقيل: هي في قوم من المنافقين، وقيل: في أسد وغطفان.
{كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ}: أي دعاهم قومهم إليها وطلبوا منهم قتال المسلمين {أُرْكِسُوا فِيها}، أي قلبوا فيها فرجعوا إلى قومهم وقاتلوا المسلمين. ومعنى الارتكاس الانتكاس.
{فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ}: يعني هؤلاء الذين {يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ}: أي يستسلمون لكم ويدخلون في عهدكم وصلحكم وينسلخون عن قومهم، {وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ} عن قتالكم {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}: أي حيث وجدتموهم وتمكنتم منهم. {وَأُولئِكُمْ}، الموصوفون بتلك الصفات، {جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطانًا مُبِينًا (91)}: أي حجة واضحة تتسلطون بها عليهم وتقهرونهم بها بسبب ما في قلوبهم من المرض وما في صدورهم من الدغل وارتكاسهم في الفتنة بأيسر عمل وأقل سعي.